الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

مبادئ وثيقة الازهر حول مستقبل مصر


أولاً: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد إطار الحكم، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب؛ بما يتوافق مع المفهوم الإسلامى الصحيح، حيث لم يعرف الإسلام لا فى تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف فى الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التى تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية فى بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساس للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية فى قضايا الأحوال الشخصية.

ثانياً : اعتماد النظام الديمقراطى، القائم على الانتخاب الحر المباشر، لأنه الصيغةَ العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمى للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسئولين أمام ممثلى الشعب، وتوخى منافع الناس ومصالحهم العامة فى جميع التشريعات والقرارات، وإدارة شئون الدولة بالقانون - والقانون وحده وملاحقة الفساد وتحقيق الشفافية التامة وحرية الحصول على المعلومات وتداولها.

ثالثاً: الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية فى الفكر والرأى، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسؤولية فى المجتمع.

رابعاً: الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة فى حق الوطن، ووجوب اعتماد الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل والتعويل عليهما فى التعامل بين فئات الشعب المختلفة، دون أية تفرقة فى الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين.

خامساً: تأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية، والتمسك بالمنجزات الحضارية فى العلاقات الإنسانية، المتوافقة مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلامية والعربية، والمتسقة مع الخبرة الحضارية الطويلة للشعب المصرى فى عصوره المختلفة، وما قدمه من نماذج فائقة فى التعايش السلمى ونشدان الخير للإنسانية كلها.

سادساً: الحرص التام على صيانة كرامة الأمة المصرية والحفاظ على عزتها الوطنية، وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون أية مُعوِّقات، واحترام جميع مظاهر العبادة بمختلف أشكالها، دون تسفيهٍ لثقافة الشعب أو تشويهٍ لتقاليده الأصيلة، وكذلك الحرص التام على صيانة حرية التعبير والإبداع الفنى والأدبى فى إطار منظومة قيمنا الحضارية الثابتة.
سابعاً: اعتبار التعليم والبحث العلمى ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضارى فى مصر، وتكريس كل الجهود لتدارك ما فاتنا فى هذه المجالات، وحشد طاقة المجتمع كلّه لمحو الأمية، واستثمار الثروة البشرية وتحقيق المشروعات المستقبلية الكبرى.
ثامناً: إعمال فقه الأولويات فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة، وبما يفجر طاقات المجتمع وإبداعاته فى الجوانب الاقتصادية والبرامج الاجتماعية والثقافية والإعلامية على أن يأتى ذلك على رأس الأوليات التى يتبناها شعبنا فى نهضته الراهنة، مع اعتبار الرعاية الصحية الحقيقية والجادة واجب الدولة تجاه كل المواطنين جميعاً.

تاسعاً: بناء علاقات مصر بأشقائها العرب ومحيطها الإسلامى ودائرتها الأفريقية والعالمية، ومناصرة الحق الفلسطينى، والحفاظ على استقلال الإرادة المصرية، واسترجاع الدور القيادى التاريخى على أساس التعاون على الخير المشترك وتحقيق مصلحة الشعوب فى إطار من الندية والاستقلال التام، ومتابعة المشاركة فى الجهد الإنسانى النبيل لتقدم البشرية، والحفاظ على البيئة وتحقيق السلام العادل بين الأمم.

عاشراً: تأييدُ مشروع استقلال مؤسسة الأزهر، وعودة "هيئة كبار العلماء" واختصاصها بترشيح واختيار شيخ الأزهر، والعمل على تجديد مناهج التعليم الأزهرى؛ ليسترد دوره الفكرى الأصيل، وتأثيره العالمى فى مختلف الأنحاء.

حادى عشر: اعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التى يُرجع إليها فى شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة، مع عدم مصادرة حق الجميع فى إبداء الرأى متى تحققت فيه الشروط العلمية اللازمة، وبشرط الالتزام بآداب الحوار، واحترام ما توافق عليه علماء الأمة.

وأهاب شيخ الأزهر وعلماء الأزهر والمثقفون المشاركون فى إعداد هذا البيان بكل الأحزاب والاتجاهات السياسية المصرية أن تلتزم بالعمل على تقدم مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فى إطار المحددات الأساسية التى وردت فى هذا البيـــان.

الأحد، 18 سبتمبر 2011

الاخوان واردوغان


عجيب موقف الإخوان المسلمين ومحير لمن لا يعرف تاريخهم في محاولات القفز الدائمة على السلطة وتسخير كل الوسائل لمصالحها الشخصية، فهؤلاء الذين يحاولون تقديم أنفسهم باعتبارهم النموذج العربي لحزب العدالة والتنمية التركي، وتبجيلهم الدائم لقادة تركيا وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، نجدهم الآن انقلبوا بزاوية 180 درجة وبدأوا يهاجمون اردوغان الطيب الذي لقنهم درساً في معنى العلمانية خلال زيارته للقاهرة الايام الماضية.

لقد سبق أن أكدت في مقال سابق أن الإخوان المسلمين الذين يتمسحون بالنموذج التركي، بعيدين كل البعد عن هذا النموذج ولم تمر أيام قلائل حتى كشفت جماعة الإخوان المسلمين بنفسها عن كم التناقضات الجوهرية بينهم وبين النوذج التركي المنفتح والذي استطاع من خلال رجب طيب اردوغان ورفاقه القفز بتجربتهم نحو افق واسع قاموا من خلاله تطوير أنفسهم فكرياً أولاً ثم سياسيا، فالهوة الآن بين النموذج التركي وحال جماعة الإخوان المسلمين تجعل الجماعة في حاجة إلى قرون طويلة حتى تستطيع الوصول إليها إذا استمرت على وضعها الحالي من الركود والركون إلى مبدأ السمع والطاعة وارتدأ ثوب الدين من أجل أهداف سياسية في حين تغيب عنها الرؤية السياسية الواقعية مما جعلها بيئة طاردة للقيادات الوسطية أو من يطلق عليهم ” الاصلاحيون” وكذلك اصطدام الشباب الإخواني الذي استفاق على روح ثورة يناير المجيدة في حين لاتزال تتعامل معهم الجماعة باعتبارهم مجرد قواعد للحشد وحصد الأصوات.

فلقد دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إقامة دولة علمانية في مصر, مؤكداً أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان, الأمر الذي انتقدته جماعة “الإخوان المسلمين”, محذرة من سعي تركيا للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.

وجاءت دعوة اردوغان أردوغان في مقابلة مع قناة “دريم” الفضائية, والذي أوضح أن الدستور التركي يعرف العلمانية بأنها تتعامل مع أفراد الشعب على مسافة متساوية من جميع الأديان, مؤكداً أن الدولة العلمانية لا تنشر اللا دينية.
وأضاف ” أنه ليس علمانياً فهو مسلم لكنه رئيس وزراء دولة علمانية, وأقول للشعب المصري ألا يكون قلقاً من العلمانية, وأظن أنه سيفهمها بشكل مختلف بعد تصريحي هذا”.
وأكد أن الدولة العلمانية لا تعني دولة اللادين وأن العلمانية الحديثة لا تتعارض مع الدين بل يجب عليها أن تتعايش معه, معرباً عن أمله في إقامة دولة مدنية في مصر تقوم على احترام جميع الأديان والشرائح في المجتمع.
واضاف في معرض توضيح رؤيته, ان “مفهوم العلمانية ليس مفهوم رياضيات كأن نقول حاصل 2 ضرب 2 يساوي 4, فتعريفات المفاهيم الاجتماعية تختلف في ما بينها, والعلمانية في المجتمع الانغلوسكسوني لها مفهومها المختلف عنه في أوروبا, كما أن المفهوم التركي لها مختلف, وقد دفعنا ثمناً باهظاً من أجل ذلك المفهوم في تركيا”.
وأشار إلى أنه في الدستور التركي الذي وضع العام 1982 “تم تعريف العلمانية بأن معناها وقوف الدولة على مسافة متساوية من جميع الأديان, أما الأشخاص فلا يكونون علمانيين, يستطيعون أن يكونوا متدينين أو ضد الدين أو من أديان أخرى, فهذا شيء طبيعي”.
لكن ما قاله اردوغان لم يكن على هوى الجماعة التي تعلم جيداً أن كلام اردوغان يتناقض تماما مع الوضع الذي تريد جماعة الإخوان المسلمين تثبيته الآن من خلال نموذج ” الجماعة – الحزب ” فهم يريدون الاحتفاظ بامتيازات الجماعة الدعوية لما في ذلك من تأثير قوى بين بسطاء الشعب المصري المتدين بطبعه، من أجل تسخيره في حشد وحصد الاصوات في الانتخابات.

وفي نفس الوقت فأن كلام اردوغان يفقد الإخوان ” فزاعة ” التخويف من التيارات المدنية والليبرالية تحت مزاعم أنهم علمانيون يحاربون الدين، متناسين أن النظام العلماني التركي هو الذي سمح لحزب العدالة والتنمية بالصعود إلى سدة الحكم، فماذا ستقول جماعة الإخوان للشعب المصري الذي حاولة وضعه بين خيارين ” إما الإخوان أو العلمانيين اعداء الدين”،.

لم تنتظر الجماعة كثيراً فقامت بمهاجمة تصريحات اردوغان قبل أن يجف حبر حكلة الدعاية والترحيب بزيارة اردوغان الذي حاولت الجماعة استغلالها أسوأ استغلال وكأنها تقول ” اردوغان نحن .. ونحن اردوغان”.

الطريف أن حالة الاحتفاء الإخوانية باردوغان تحولت إلى تصريحات أشبه ما تكون بمحاولة تلقين الرئيس الضيف دروساً على الطريقة الإخوانية، إذ قال لمتحدث باسم “جماعة الإخوان المسلمين” محمود غزلان في تصريحات صحفية إن تجارب الدول الأخرى لا تستنسخ, وأن ظروف تركيا تفرض عليها التعامل بمفهوم الدولة العلمانية, معتبراً نصيحة أردوغان “تدخلاً في الشؤون الداخلية” لمصر.
وفي موقف يتناقض مع الاستقبال الشعبي الذي لقيه أردوغان لدى وصوله إلى مصر, مساء الاثنين الماضي, حذر حزب “الحرية والعدالة” المنبثق عن “الإخوان”, أمس, من سعي تركيا للهيمنة على الشرق الأوسط.
وقال نائب رئيس الحزب عصام العريان “نحن نرحب بتركيا ونرحب بأردوغان كزعيم متميز من زعماء المنطقة, ولكننا لا نرى أن بلاده تستطيع لوحدها قيادة المنطقة او رسم مستقبلها”, مضيفاً ان “البلاد العربية لا تحتاج إلى مشاريع خارجية, هذا يجب أن يأتي من داخل الانظمة العربية خاصة وأنه بعد الثورات ستكون الأنظمة ديمقراطية”.

لقد تحول اردوغان فجأة في نظر الإخوان إلى رئيس يريد فرض هيمنة بلاده على المنطقة، وأنه يتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، ولم تنقص تصريحات قيادات الإخوان سوى المطالبة بطرد السفير التركي.

ما حدث مع اردوغان ربما يكون قد حدث بين الجماعة والمجلس العسكري، فبعد محاولات الجماعة القفز على الثورة و اقصاء القوى الثورية الحقيقية التي قامت على اكتافها الثورة في حين كانت الجماعة تتفاوض مع عمر سليمان حسبما اكدت الجماعة نفسها، نجدها تهاجم المجلس العسكري بعدما ايقنت أنها اصبحت قاب قوسين أو أدنى من انكشاف وضعها، وبعدمات ايقنت أيضا أن القوى الثورية المدنية أكبر وأقوى بكثير جداً مما حاولت تصويره، خصوصاً بعد خروج مليونية ” جمعة التصحيح ” التي قاطعتها الجماعة، والتي حققت نجاحاً كبيراً رغم محاولات فلول النظام تشويهها.

والآن ماذا في جعبة الإخوان بعدما افقدهم اردوغان “فزاعة” الليبراليين والعلمانيين، وبعدما باءت محاولاتهم للتودد إلى المجلس العسكري ومحاولاتهم تقزيم القوى الثورية الحقيقية واقصائها عن الساحة بالفشل؟ … نحن في انتظار فصل جديد من فصول المسرحية الإخوانية.